بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يونيو 2017

أردوغان.. الحاوي التركي

أردوغان.. الحاوي التركي

13 مارس, 2017 - 9:59 صباحًا الكاتب: ريزان حدو المصدر: الاعلام الحربي المركزي
أردوغان.. الحاوي التركي

( أنا فهمتكم ) العبارة العالقة حتى الآن في ذاكرة شعوب المنطقة كإشارة لإنتهاء حقبة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، 24 سنة احتاجها الرئيس التونسي كي يفهم شعبه، و عندما فهمه كان الأوان قد فات ؟!.
ربما الأشهر الأربع التي قضاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سجنه بعد حكم قضائي صدر بحقه في كانون الأول 1997 بسبب قصيدة ألقاها في اجتماع جماهيري والتي تسببت أيضا” بعزله عن رئاسة بلدية اسطنبول، كانت فرصة له لمراجعة حساباته، وفهم كيفية التعامل مع الشعب التركي، و الاستفادة من تجربة معلمه نجم الدين أربكان الأب الروحي لتيار “الإسلام السياسي في تركيا” والذي أجبر من قبل الجيش التركي على الاستقالة بعد عام واحد فقط قضاه كرئيس للحكومة التركية إثر فوزه في انتخابات 1996 .
لم يستفق أربكان من صدمة إجباره على الاستقالة وحل حزب الرفاه، و بينما كان يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى وجه الثنائي رجب طيب أردوغان و عبد الله غول الضربة القاضية له. هذه المرة كانت من أبناء فكره، فقاد الثنائي أردوغان وغول انقلابا داخل الحركة الإسلامية التركية، أدى إلى ظهور تيارين بعد صدور حكم قضائي بحل حزب الفضيلة ( وريث حزب الرفاه ) في تموز 2001. التيار الأول حزب السعادة بزعامة أربكان والثاني حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان و غول.
كل هذه الأسباب جعلت من أردوغان أكثر رئيس وزعيم تركي فهم كيف يوجه مؤيديه ويتحكم بهم بذكاء وحنكة لم يعرفهما التاريخ التركي من قبل.
فعلى الرغم من فشل سياساته الخارجية في السنوات الست الماضية، إلا أنه برع في الالتفاف على تلك الإخفاقات و منعها من التأثير على شعبيته، لأنه فهم مؤيديه وعرف كيف يتحكم بمشاعرهم وعواطفهم، عبر خلق حروب استعراضية هنا و هناك، مع لجوئه احيانا إلى سياسة البحث عن شماعة يعلق عليها أخطاءه، زارعا” بعقول مواطنيه ويصح إن قلنا مريديه !! أنها أخطاء فردية أو أخطاء ارتكبها أعداء مشروعه الذي يعمل على تحقيقه ( العثمانية الجديدة ).
فوجد أردوغان في صديقه أحمد داوود أوغلو رئيس الوزراء السابق الشماعة التي يعلق عليها الأخطاء التي ارتكبت في السياسة الخارجية.
وفي الملفات العسكرية و الأمنية وجد ضالته في رفيق دربه الداعية فتح الله غولن زعيم حركة الخدمة أو الكيان الموازي كما تسميها الحكومة التركية، فحمله مسؤولية إسقاط الطائرة الروسية، ومسؤولية التعامل مع داعش عبر صفقات يصح تسميتها “النفط مقابل دعم الجهاد”. وباتت الحدود التركية السورية المعبر الرئيسي لدخول الجهاديين القادمين من شتى أصقاع الأرض والمنفذ الوحيد الذي يستطيعون من خلاله بيع النفط و المعامل و الآليات…
وحمل أنصار غولن مسؤولية فشل العمليات العسكرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، و لولا أن تاريخ ميلاد غولن معروف للجميع لكان حمله مسؤولية المجازر العثمانية التي ارتكبت بحق الأرمن و اليونان و السريان و الكرد، كي يكون مشروعه ( العثمانية الجديدة ) الذي يسعى إلى تحقيقه ورقة بيضاء ناصعة لا تشوبها شائبة، و لن نتفاجئ إن خرج أحد علماء الدين ( رجال السلطان ) بفتوة شرعية على قاعدة أن “الإنقلاب يجب ما قبله”، (في إشارة إلى إستثمار الرئيس التركي لمحاولة الإنقلاب الفاشلة 15 تموز 2016 للتخلص من خصومه و كنقطة ارتكاز تبرر انعطافاته وسياسته المستقبلية) .
مقدمة ما سبق قد تقودنا إلى فهم حقيقة التصعيد الاستعراضي بين تركيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، خصوصا هولندا.
تذكرني الأزمة الحالية بين تركيا من جهة و ألمانيا وهولندا من جهة أخرى، و انعكاسها الإيجابي على شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر اصطفاف أغلبية الشعب التركي ( القوميين – الإسلاميين – مؤيدين – معارضين ) خلفه و دعمهم لقراراته و مواقفه، بالحالة التي حصلت بعد انسحاب الرئيس التركي أردوغان من مؤتمر دافوس 2009 إثر مشادة كلامية مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، حيث استقبل اردوغان استقبال الأبطال إثر عودته لتركيا.
وبينما كانت الجماهير التركية تهتف بحياة أردوغان “قاهر الإسرائيليين”، كانت طائرات إسرائيلية تشارك الطائرات التركية في قصف مواقع حزب العمال الكردستاني في منطقة جمجو على الحدود العراقية التركية داخل الاراضي العراقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق